هلا اخواتى
من فترة وانا ابحث عن حديث كنت سمعتة فى اذاعة القران الكريم
عن كيفية معرفة نوع الجنين
والحمد للله لقيت موضوع عنه وحبيت افيدكم معاى
الناظر في المسألة لأوّل وهلة يظنّ أنّ في ذلك تصادما مع الحسّ الديني, على اعتبار أنّ أن ما في الأرحام للخالق سبحانه لا للخلق.
قال تعالى:{ إنّ الله عنده علم الساعة ويُنزّل الغيثَ ويعلمُ ما في الأرحامِ وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ الله عليمٌ خبير} (سورة لقمان, آية 33).
وقال أيضا جلّ شأنه في سورة الرعد (آية 8):{ الله يعلم ما تحمل كلُّ أنثى وما تغيضُ الأرحامُ وما تزداد وكلّ شيء عنده بمقدار عالمُ الغيبِ والشهادة الكبيرُ المتعال}.
وقال صلى الله عليه وسلم:" خمس لا يعلمهنّ إلا الله" وذكر فيما ورد في سورة لقمان. رواه البخاري, حديث رقم (9301).
فكيف يدّعي البشر أنه يعلمُ جنس الجنين؟ كما أنّه أليس في ذلك تطاول على قدرة الله تعالى التي استفرد بها في علم الغيب؟!
قال تعالى:{ لله ملكُ السموات والأرض يخلقُ ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهبُ لمن يشاء الذكور* أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاءُ عقيماً إنه عليم قدير} (سورة الشورى: آية49-50).
ولكن في حقيقة الأمر ليس هناك ثمّة تعارض أو تناقض بين الأمرين, وذلك لما يلي:
1- أنّ علم ما في الأرحام المذكور في الآية هو العلم التفصيلي لكل ما يتعلّق بالجنين ، فالله يعلم عن الجنين: أيعيش أو يموت, وإذا نزل حيا: أيكون ذكيا أم غبيا, ضعيفا أم قويا, سعيدا أم شقيا! أما البشر فأقصى ما يعلمون: أنه ذكر أو أنثى.
قال ابن كثير في تفسيره (ج2/271):" قوله تعالى:{ويعلم ما في الأرحام}... أي ما حملت من ذكر أو أنثى أو حسن أو قبيح, أو شقيّ أو سعيد, أو طويل العمر أو قصيره".
وقال الماوردي في تفسيره النكت والعيود(4/349-350): قوله تعالى:{ ويعلم ما في الأرحام} يحتمل وجهين:
أحدهما: يعلم ما في الأرحام من ذكر وأنثى, سليم وسقيم.
الثاني: يعلم في الأرحام من مؤمن وكافر وشقيّ وسعيد.
وجاء في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (4/116):" قد تقرر أن الله تعالى أحاط علمه بالغيب والشهادة والظواهر والبواطن, وقد يطلع الله عباده على كثير من الأمور الغيبية... وإن المراد من قوله تعالى:{ويعلم ما في الأرحام} أي: هو الذي أنشأ ما فيها وعلم ما هو, هل هو ذكر أم أنثى, ولهذا يسأل الملك الموكل بالأرحام ربّه هل هو ذكر".
يتبيّن من مجموع هذه الأقوال أنّ المفسّرين لم يجزموا أنّ المراد بقوله تعالى:{ويعلم ما في الأرحام} علم جنس المولود فقط, بل إنّ المراد به أعلم من ذلك, فلمّا أعطى الله تعالى العباد القدرة على إمكانية معرفة جنس المولود قبل أن يكون ، فقد دلّ هذا على أنّ المراد بعلم ما في الأرحام شيء آخر, ربّما يكون علم الشقاء والسعادة, أو الحياة والموت, أو الحسن والقبح, الى آخر ما جاء في كلام المفسّرين.
فليس هناك تعارض بين ما جاء به القرآن الكريم وبين ما توصّل إليه العلم الحديث, والواجب أن نفهم الآيات القرآنية في ضوء البحث بأنّ علم ما في الأرحام لا يختصّ بجنس المولود, بل يشمل هذا, ويشمل أموراً أخرى كالشقاء والسعادة, والحياة والموت, والصحة والسقم.. لكنّ الله تعالى جلّت قدرته شاء أن يطلع البشر على بعض هذه الأمور الغيبية, وأخفى عنهم البعض الآخر, فيسر لخلقه التوفيق في الكشف العلمي عن جنس المولود ولم ييسر لهم مثلا أن يعلموا ما إذا كان المولود شقيّا أو سعيدا, مسلماً أو كافراً, فالله عالم الغيب والشهادة, لا يطلع على غيبه أحد من خلقه إلا من ارتضى من نبي مرسل أو ملك مقرّب أو عالم يبحث في القوانين العلمية التي أوجدها تبارك وتعالى في هذا الكون, فهو جلّت قدرته يطلع من أراد إطلاعه بالقدر الذي يشاء, وفي الوقت الذي يشاء.
وقد أشار الإمام القرطبي الى ذلك, حيث ذكر في تفسيره لعلم ما في الأرحام أن الطبيب قد يحاول معرفة جنس المولود وهو جنين في بطن الأمّ بالعادة والتجربة, حيث قال رحمه الله تعالى في تفسيره الجامع (الجامع لأحكام القرآن 14/82): وقد يُعرف بطول التجارب أشياء من ذكورة الحمل وأنوثته الى غير ذلك ... وقد تختلف التجربة وتنكسر العادة ويبقى العلم لله تعالى وحده.
ولذلك وجدنا القرطبي في تفسيره قوله تعالى:{وعنده مفاتِحُ الغيب لا يعلمها إلا هو}.. لا يذكر أن علم ما في الأرحام يندرج تحت مفاتيح الغيب, وذكر أن المراد بمفاتيح الغيب أمور متعددة ليس منها علم ما في الأرحام, فقال:" وقيل المراد بالمفاتح: خزائن الرزق, وقيل: خزائن الأرض, وقيل: عواقب الأعمار وخواتم الأعمال, الى غير هذا من الأقوال والأول المختار" (انظر: الجامع لأحكام القرآن, القرطبي, ج7/ص2).
فإذا كان البحث العلمي في هذا الزمان قد توصّل الى معرفة جنس المولود يتبيّن جليّا أنه لا علاقة له بالأمور الغيبية, كما بيّن القرطبي ولا يعد أكثر من كشف علمي هدى الله الإنسان إليه.
وقد نقل بعض المفسرين أن محاولات الأطباء معرفة جنس المولود وهو جنين في بطن الأمّ قديمة, وربّما كان الأطباء يلجؤون الى مثل هذا الأمر إشباعاً لرغبة الأبوين, وذلك عن طريق إمارات علمت بالملاحظة والاستقراء, من ذلك ما ذكر ابن العربي من أقوال للأطباء:" إذا كان الثدي الأيمن مسوّد الحلمة فهو ذكر, وإن كان ذلك في الثدي الأيسر فهو أنثى, وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فهو ذكر, وإن وجدت الجنب الأشأم - الأيسر - أثقل فهو أنثى.
وذلك واجبٌ في العادة لا في الخلقة, والطبيب بقوله هذا لا يكفر ولا يفسق لاستناده الى التجربة والملاحظة, ولم يكن ما يأتي به رجماً بالغيب".
انتهى كلام ابن العربي, (انظر: أحكام القرآن, ج1/ص726).
وبناء على ذلك نقول : ان التدخل في العوامل الطبيعية للوراثة وتوجيهها بالارادة البشرية لتحقيق رغبات معينة كالتحكم في صفات الجنين ونوعه وغير ذلك من التقنيات لا يمثل منافاة أو تحديا لإرادة الله عز وجل ومشيئته كما يعتقد بعضهم ، وإنما يدخل الاتيان بمثل هذه الافعال في دائرة الإرادة الشرعية ( افعل ولا تفعل ) فما كان من هذه الأفعال ضمن الفضائل المتضمنة مصالح العباد فهو موافق للارادة الشرعية وما كان منها من القبائح المتضمنة لفساد البلاد والعباد فهو مخالف للإرادة ، ولا يحدث في كون الله سبحانه إلا ما أراد .
وعليه فيجوز اختيار نوع المولود عن طريق برمجة الجماع حيث يتم في توقيتات محددة أو بمعالجة إفرازات الجهاز التناسلي للمرأة او تناول أغذية معينة أو غير ذلك من الوسائل .
ومما يؤيد ذلك ما يلي :
1- انه لا تحريم إلا بنص وهذا أمر لا يفضي الى حرام ولا يوصل إليه بحرام .
2- ان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى إمارات ظاهرة للسائل عن الطريقة التي يمكن من خلالها إنجاب المولود المرغوب به من حيث كونه ذكراً أو أنثى وما هذا إلا ضبط لجنس المولود قبل حصول التلقيح بين الحيوان المنوي والبويضة .
وذلك لما سألته أم سليم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : اذا رأت المرأة ذلك فلتغتسل ، قالت أم سليم ، واستحييت من ذلك ، قالت : وهل يكون هذا ؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" فمن أين يكون الشبه ؟ إن ماء الرجل غليظ وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه " .
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب اختلاف جنس المولود لماذا يكون تارة ذكرا وتارة أنثى ؟
فقال صلى الله عليه وسلم :" ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله ، وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنث بإذن الله ، قال اليهودي : لقد صدقت وإنك لنبي " ( انظر : صحيح مسلم بشرح النووي 3/622) .
وبه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم اعطى إمارات ظاهرة للسائل عن الطريقة التي يمكن من خلالها انجاب المولود المرغوب به من حيث كونه ذكراً أو أنثى ، فإن الرجل إذا استطاع ان يجعل منيه يغلب مني زوجته ليكون بينهما مولود ذكرا ، او استطاعت الزوجة ان تجعل منيها يغلب مني زوجها ليكون بينهما مولودا أنثى ، فإن أحداً لا يستطيع القول بحرمة هذا الفعل لأن النصوص النبوية التي أخبرت عن هذا الأمر الغيبي لم يقترن بها ما يدل على منعها أو حظرها ، فيبقى الأصل على حاله حتى يأتي دليل يحظره وينهى عنه.
وما هذا الا ضبط لجنس المولود ، ولكن إن القول بإباحة اختيار جنس المولود بإطلاق ليس سليما ، فلا بد من وضع الضوابط التالية :
1- ألا يكون اختيار جنس المولود وتحديده سياسة عامة قائمة في المجتمع وإنما يمكن القول بإباحتها اذا كانت حالة فردية خاصة .
2- أن تتوافر الدواعي والأسباب عند الأسرة لاختيار جنس المولود ، فإن لم يكن ثمة داع فلا يجوز اللجوء الى تحديد جنس المولود واختياره قبل مجيئه ، وهذه الدواعي إما ان تكون صحية كمرض وراثي يصيب جنسا واحدا من المواليد كمرض العامل الرايزيسي الذي يصيب جنس المواليد الاناث دون الذكور ، وإما أن تكون نفسية كتعدد المواليد الإناث في الاسرة دون الذكور ، فيجوز في هذه الحالة اختيار المولود الذكر لمرة أو مرتين مع عدم الزيادة على ذلك .
3- ألا يلجأ الأبوان الى تحديد جنس المولود من بداية الحياة الزوجية ، بل الواجب ان يتركا التحديد ابتداءً حتى تظهر الحاجة إليه ويقوم الداعي الى اللجوء إليه ، فقد يرزقهما الله المولود الذي يرغبان دون الحاجة الى اختيار جنس المولود بواسطة طبيب .
وقد أفتى بجواز ذلك فضيلة( أ .د. القرضاوي ، ود. عباس أحمد الباز ، ود. علي جمعة ، ود. حسان حتوت).
انظر : فتاوى معاصرة- د. يوسف القرضاوي ، ج1/ص 675، اختيار جنس الجنين دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة - بحث د. عباس الباز ، ج2/ص978 - 088 ، البيان لما يشغل الأذهان -د. علي جمعة ، ص 763 ، المسائل الطبية المستجدة - د. محمد النتشة، ج1/ص 032.
منقول للافادة
