مغامرة في مدينة الألعاب تيفولي Tivoli في مدينة كوبنهاغن
د . عدنان جواد الطعمة
تعتبر العاصمة الدانماركية كوبنهاغن و احدة من اشهر المدن الأوروبية السياحية التي يؤمها الساذحون من كل حدب و صوب لقضاء عطلهم وإجازاتهم في فصول السنة المختلفة و ذلك لكثرة المعالم السياحية و الرياضية
و أيضا لأغراض ثقافية و تجارية . قمت برحلتي الأولى لمدينة كوبنهاغن في الفترة 14 إلى 31 نموز عام 1989 لدراسة و فهرسة و تصوير المخطوطات العربية و الإسلامية المحفوظة في خزانة المكتبة الملكية
بمدينة كوبتهاغن ، حيث صدر لي عن هذه الرحلة عام 1990 في الكويت الشقيق ، كتابان :
فهرست المخطوطات العربية في الطب و الصيدلة المحفوظة في خزانة المكتبة الملكية بمدينة كوبنهاغن .
و صدر الكتاب الثاني أضا في الكويت عام 1993 ، بعنوان :
قائمة المخطوطات العربية الجديدة المحفوظة في خزانة المكتبة الملكية بمدينة كوبنهاغن .
ثم تبعت هذه الرحلة ثماني رحلات كانت آخرها مع زوجتي الكريمة في شهر مايس عام 2017 .
وفي كل رحلة كنت اقوم بزيارة المتاحف والمكتبات و المعاهد والجامعة من اجل الإطلاع على المخطوطات العربية و على آثار وكتب و وثائق و خرائط الرحالة الألماني الشهير كارستن نيبور الذي ابحرعام 1761 في البعثة الملكية الدانماركية إلى الشرق الأوسط و عاد وحده حيا عام 1771 إلى الدانمارك .
كنت أغتنم كل فرصة سانحة بعد إنتهاء عملي من المتاحف و المكتبات بزبارة المعالم السياحية والترفيهية في مدينة كوبناغن و خاصة مدينة الألعاب والتسلية تيفولي .
عندما يتمتع و يتسلى الشعب ، فإنه سيبتعد عن السياسة .
هكذا قال الصحفي جورج كارتنسن للملك الدانماركي كريستيان الثامن ( 1812 – 1857 ) ، حيث وافق الملك على تشييد ملعب تيفولي .
وقد افتتح الملك منتزه و ملعب تيفولي في اليوم 15 من شهر آب 1843 المزين
بخيمه الملونة المضاءة و دواليب الهواء والمراجيح ومحلات إطلاق النيران على اللعب والأهداف و حديقة غناء واسعة .
و عند افتتاح محطة القطارات الرئيسية في كوبنهاغن عام 1847 بالقرب من منتزه
و ملعب تيفولي أخذ المواطنون و السائحون يتدفقون إلى هذا الملعب لقضاء أوقات فراغهم
[
و التسلي بالمساهمة و المشاركة في الألعاب المختلفة .
وهكذا نجحت و تحققت فكرة الصحفي جورج كارستنسن التي طرحها على الملك كريستيان الثامن .
تعتبر مدينة الألعاب تيفولي حاليا من أرقى و أحلى المنتزهات التي تجلب الآلاف من المواطنين
و السائحين لكثرة إمكانيات اللعب والتسلي و أنواع المراجيح و دواليب الهواء المتنوعة و ركوب
القطار السريع و السيارات الصغيرة و محلات اللعب والبيع وكثرة
المطاعم و المقاهي و جمال و سحر الإضاءة و الزهور و النافورات .
يشعر المرء عند الدخول إلى مدينة الألعاب تيفولي و يتجول في أقسامها و يسير في الممرات
المزدانة بأنواع عدة من الزهور والنباتات و الأشجار ، فكانه يتنزه في جنينة يانعة
ملونة بكافة ألوان القوس قزح و مزينة بكافة أنواع الزهور النادرة الفواحة الزاهية التي تملأ المنتزه والحدائق سحرا و جمالا ..
كما تقام فيه حفلات موسيقية و مسرحيات صامتة وغير صامتة بحيث يستمع و يتمتع الضيوف
بمشاهدتها و الإستماع إليها . كما تقام فيه فعاليات لفرق موسيقية ومسرحية عالمية أخرى .
[
تبقى مدينة الألعاب مفتوحة من الساعة 11 إلى الساعة 24 كل يوم تقريبا .
و بعد انتهائي من زيارة متحف النباتات والزهور للمرة الثانية و متحف الحيوانات
و نيوهافن و قيامنا برحلة بحرية وتناولنا طعام العشاء مساء 18 مايس 2017 قررنا الذهاب في الساعة السابعة والنصف مساءا
إلى مدينة الألعاب تيفولي للتمتع بمناظرها و زهورها و أضوائها الملونة و المشاركة في إحدى الإمكانيات المتاحة.
وعندما كنا نمر أمام تيفولي يوميا نسمع صراخ و عياط الشباب الذين يشاركون في كافة
أنواع دواليب الهواء والقطار الذي يسير على السكة الحديدة بشكل رقم ثمانية الإنكليزية و بسرعة فائقة جدا .
سألت زوجتي فجأة هل لديك مانع من أن نركب ونصعد إلى سفينة السماء التي فيها فعلا مجازفة ؟ أجابتني بنعم .
و بعد ان إقتنينا تذكرتين صعدنا إلى موقف ما يسمونه سفينة السماء بانتظار نزول المشاركين .
دخلنا و طلب العامل الفني منا بأن نضع كافة الكامرات و جنطة زوجتي والهاندي
و قال لنا إن إسم هذا الدولاب هو سفينة السماء . يصعد الدولاب إلى إرتفاع قدره 80 مترا و يدور بسرعة
فائقة تزيد عن تقديرنا وتصورنا لها . جلسنا في المقعدين وربطنا المقعدين بشريط فولاذي متين
بحيث أصبحت أرجلنا معلقة في الهواء . وتمنى العامل لنا رحلة فضائية سعيدة .
أخذ دولاب الهواء بالدوران والصعود بسرعة بطيئة إلى الأعلى و فجأة إزدات السرعة
و شعرنا بأننا نحلق في السماء بمظلات الهبوط ( البراشوت ) .
وكنا نشاهد مدينة كوبنهاغن والبحيرات المحيطة بها .
وضعت يدي على نظارتي خشية أن لا تطير وتسقط نتيجة القوة الطاردة والسرعة الفائقة
التي قدرتها على الأقل بـ 240 كيلومترا في الساعة . وفي خلال هذه السرعة هبط الدولاب
إلى نصف العمود و صعد ثانية وبنفس السرعة أيضا إلى إرتفاع قدره 80 مترا .
شعرنا بالبرد الشديد لرطوبة الهواء . وبعد ثلاث إلى خمس دقائق هبطت
سفينة السماء على الأرض و حمدنا الله على سلامتنا .
إنتابني شعور غريب أثناء تحليقنا على إرتفاع 80 مترا او أكثر بأننا كنا نطير كأي طائر إلا أجسامنا معلقة ومربوطة بواير أو سلسلة حديدية طويلة .
وبالرغم من إصابتنا بالبرد الشديد والإنفلونزا لاحقا ،
فإننا تمتعنا كثيرا بها لا سيما عند مشاهدة مدينة كوبنهاغن و ضواحيها و عماراتها و بحيراتها كلها تدور معنا، حيث كان ركوبنا سفينة السماء مغامرة شديدة نذكرها دائما بالخير و الإعجاب .
ألمانيا في 6 فبراير 2016