عنوان الموضوع : موعد مع الموت قصص
مقدم من طرف منتديات الضمير العربي

عندما ألقيت نظرة على الساعة كانت تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل


أزحت ذلك الكتاب عني فقد تعبت من استذكاره وأسندت ظهري على الكرسي مسترخية وأخذت أتأمل في مكتبة الكتب

فأنا غالبا ما أستذكر في هذا المكان ففيه اشعر براحة كبيرة

وبينما أنا انظر هنا وهناك لفت انتباهي كتاب للمرة الأولى التي أراه يتوسط هذه المكتبة فجميع الكتب مألوفة بالنسبة لي بعضها قرأته مرارا وتكرارا والبعض الآخر لم ألمسه ولكني كنت أعرفه

قمت من مطرحي وأخذت ذلك الكتاب الكبير لكنه سرعان ما تبين لي بأنه ألبوم صور

استغربت من أحضر هذا الألبوم هنا

أخذت أتصفح فيه حتى وصلت لصورة تجمدت عندها وشعرت بقبضة قوية في قلبي أنها صورة سلمى ابنة خالتي المتوفاة منذ سنتين

فسلمى تكبرني بسنة واحدة وكانت تربطني بها علاقة قوية تتعدى صلة الدم

مازلت أتذكر يوم رحيلها كأنه بالأمس

كان يوما ربيعيا وكنا بالمزرعة مع العائلة وكانت سلمى الأخيرة المتبقية في المسبح

فزجرتها خالتي بقولها هيا أخرجي أخشى عليك من المرض

خرجت سلمى من المسبح ولكنها تعثرت في مشيتها فانزلقت ووقعت على الأرض القاسية بشكل بهلواني

تعالت ضحكاتنا ولكن سلمى لم تحرك ساكنا... ورأينا الدماء تتسلل من رأسها خارجة

أسرعنا ناحيتها ... وفي أقل من ربع ساعة كانت سلمى في المشفى

لم اعرف ماذا أفعل كنت بين اللحظة والآخرى أهاتف خالي واسأله عن حال سلمى

لكنه في المرة الأخيرة زجرني وقال إذا ماحدث شيء سأخبرك

وأغلق الهاتف الذي كان يتسرب منه صوت خالتي المنتحبة

لم يستغرق رحيل سلمى كثير من الوقت فقد وقعت الحادثة عند الثالثة مساءا وعند الحادية عشرا ليلا كانت سلمى في عالم آخر نجهله نحن

باع خالي تلك المزرعة التي وقع فيها الحادث وفي وقت قصير اشترى مزرعة آخرى

ولكننا لم نستطع شراء سلمى آخرى

ليرحمها الله

شعرت باختناق لتذكري تلك الذكرى الحزينة فتوجهت ناحية النافذة وأزحت الستار عنها وفتحتها لأستنشق هواء عليل ونقي

وأخذت اتأمل في البيوت المجاورة كانت جميع الأنوار مطفئة ماعدا نافذة واحدة في بيت جارنا أبا أسامة

مازال جارنا يدعى أبا أسامة حتى بعد رحيل أسامة نفسه

فأسامة قد توفي في حادث سيارة منذ سنة واحدة ..... كان رحيله سبب في الدموع الغزيرة التي ذرفها أخي مؤيد

فمؤيد صديق أسامة

....حتى أسامة كانت لي معه ذكرى

ففي أحدى المرات ضغطت على زر الهاتف معيدة الرقم السابق وبعد إن جاءني الصوت تكلمت بسرعة

... لو سمحت أريد تغير طلبي أريد البيتزا بدل الدجاج المشوي

لتأتيني ضحكة هستيرية من الطرف الآخر نظرت لرقم الهاتف من المستحيل إن يكون هذا هاتف المطعم أغلقت السماعة مسرعة

وتوجهت ناحية أمي و أخي وسألتهم هل اتصل أحدكم من هذا الهاتف ليجيب مؤيد أنا ولماذا

قلت ومن هاتفت
أجاب مؤيد بطريقة مستفزة ولماذا هل يجب علينا إن نعطيكي كشف بمكالماتنا

قلت لا ولكني أعدت الرقم عن طريق الخطأ فقد ظننت إنه المطعم

ضحكت أمي ولكن مؤيد نظر لي غاضبا وقال ماذا سيقول أسامة عني إن أختك حمقاء

ومنذ ذلك اليوم وانأ اتأكد من الرقم بفضل أسامة

.... ليرحمه الله

ابتعدت عن النافذة التي ذكرتني برحيل أسامة

وشعرت بأني بحاجة لمحادثة أحد .... أمسكت هاتفي الجوال لاتصل برؤياد لكن الساعة قاربت على الثالثة فجرا ولا بد بأنها نائمة الآن

رؤياد صديقتي المفضلة

والدا رؤياد توفيا عندما كانت في الرابعة من العمر

وانتقلت هي وأخيها للعيش مع عمها

لطالما حدثتني رؤياد عن إحساسها بالغربة في هذه الدنيا وبأنها تتمنى لو عاش والديها فترة أطول لتتمكن من تذكر ذكرياتها معهما

ليرحمهما الله

شعرت بالأسى لتذكري كل تلك الحوادث فقررت الرجوع لكتابي لإكمال الاستذكار ولعله يسليني

أخذت اقرأ فيه حتى وصلت للمعادلة الكيمائية

CO2+H2O=H2CO3

عندها تذكرت ابلة منال معلمتي الكيمياء لقد توفي أخاها بالحمى الشوكية عندما كنت بالصف الثالث ثانوي وتغيبت عن المدرسة وبعد ثلاثة أيام حضرت وهي متشحة بالسواد والحزن بادي عليها ولكنها مع ذلك أخذت في شرح تلك المعادلات الكيميائية

وقبل إن تنتهي السنة وأتخرج من المدرسة توفي ابن المعلمة منال

كان ابنها الوحيد ويبلغ من العمر السبع سنوات كان خارجا من المدرسة ودهسته سيارة مسرعة

ليرحمهما الله

لا أعرف ماذا حل بي ولماذا أتذكر من أعرفه ومن لا أعرفه

خرجت من غرفة المكتبة التي اعتقدت أنها السبب في كل الذكريات وصعدت الطابق العلوي متوجهة نحو غرفتي

فور وصولي لغرفتي ألقيت نفسي على السرير وأخذت دموعي تنهمر رغما عني
وماهي إلا دقائق حتى تسرب إلى مسمعي صوت الآذان

الله أكبر الله اكبر

شعرت عندها كم أنا بحاجة للصلاة وكم أنا بحاجة لأكون قريبة من الله

مسحت دموعي وجهزت سجادتي وتوجهت للوضوء

إحساس بالراحة بدأ يتسلل إلى نفسي مع كل ترتيلة في الصلاة

غفوت على سجادتي من شدة التعب ولم استيقظ إلى على صوت أمي

نظرت لأمي بعيونا زائغة وقلت : حسنا

قمت من مطرحي وأنا اشعر بتعب وثقل في جميع أجزاء جسدي

وماهي إلا دقائق وكنت جاهزة للتوجه للجامعة

صعدت السيارة إلى جانب أخي مؤيد الذي كان يثرثر كثيرا ولكني لم أكن أعي حديثه

كنت أفكر بالإحداث التي تذكرتها البارحة لماذا تذكرتها بعد مضي سنين عليها

هل هي دلالة على أني سأكون التالية ... شعرت بقشعريرة تعتري جسدي

الموت

نعم هو فكرة مرعبة

حاولت تنظيم أفكاري... مراجعة حساباتي ولكن هل سيكفيني الوقت

وقبل إن اشرد بفكري أكثر

قال مؤيد : أحلام ، ماذا ألن تنزلي

فتحت ثغري مشدوهة وقلت : أوه سأنزل فورا ، مع السلامة

أمسكت كتبي بقوة وجلست اتلفت يمينا ويسارا لعلي أرى أحدا أعرفه

وماهي إلا ثواني رأيت رؤياد قادمة نحوي

وقبل إن أقول شيئا قالت هي : هيا أسرعي يا أحلام فسيبدأ الامتحان بعد ربع ساعة

توجهنا أنا وهي ناحية قاعة الامتحان

متمنين إن تكون الأسئلة سهلة وميسرة

أمسكت قلمي متأهبة للإجابة على الأسئلة

استلمت الورقة ألقيت عليها نظرة وبعد إن ارتحت لفحوى الأسئلة بدأت في الحل

خرجت من القاعة وأنا مرتاحة

و انتظرت رؤياد لكنها تأخرت فاضطررت للخروج

صعدت السيارة وقلت للسائق هيا للبيت

أسندت ظهري على الكرسي الخلفي للسيارة وحاولت إن استرخي

لكن رنين الهاتف الجوال قطع استرخائي

أجبت بكسل

.. نعم

.. أهلا أحلام ، طمنيني عن الامتحان

.. أهلا رؤياد ، الامتحان كان سهل وميسر

.. أوه يا ألهي لم اتوقع إن تختار معادلة حامض الكربونيك فهي سهلة جداا

.. نعم أنها معادلة سهلة

وشردت بذهني هذه المعادلة التي ذكرتني برحيل طفل المعلمة منال

كانت رؤياد تصرخ على الطرف الآخر أين أنتي يا أحلام

هممت بالرد عليها ولكن رؤيتي لتلك الشاحنة التي كانت تقترب منا وتسد المنفذ جعلت صرختي تسبقني ...........

لا أعرف ما الذي حدث وأين أنا المكان مظلم مظلم جداا

يا آلهي هل أنا على قيد الحياة

إما أنني ......

صرخت بقوة محاولة لإثبات وجودي سمعت صوتا آخر

يا آلهي هل أنا في قبر مشترك

وهل هناك قبور مشتركة ؟؟؟

بدأ النور يتسلل للمكان ورأيت أمي

اقتربت مني وهي تقول : حمدلله على سلامتك يا أحلام لقد أخفتنا

بدأت في البكاء والنحيب وقلت ارجوك يا أمي لا تتركيني احتضنيني بقوة أنا بحاجة إليك

ضمتني أمي بين ذراعيها ... شعرت بهدوء في نفسي

لم أستطيع تفسير سبب خوفي هل هو خوفا من الموت

أم تعرضي للحادث قد أفزعني

هل هي أنانية أنا يعشق الإنسان عمره ؟؟

لأني للمرة الأولى اكتشف حبي للحياة

خرجت من المشفى بعد يومين برجل مكسورة ويدا مليئة بالرضوض

ولكني كنت متلذذة بطعم الحياة

استقبلت في بيتنا من قبل العائلة

الكل كان يحدثني.... يسامرني

كنت أميرة المكان وسيدة الموقف

وبعد برهة صعدت لغرفتي بمساعدة أمي لأنام قليلا وأستريح

وطلبت من أمي إن توقظني عند آذان الفجر ... لأجيب نداء الباري

...........

الساعة الثالثة والنصف فجرا بتوقيت الرياض

تتوجه أم مؤيد ناحية غرفة ابنتها أحلام .... تضيء الأنوار

وتصيح بصوت حاني : هيا يا أحلام فلقد انتهى المؤذن من أداء الأذان ...

هيا استيقظي

عزيزتي استيقظي

أحلام مابك

ابنتي حبيبتي ماذا بك هل أنت تعبة

هيا استيقظي ... هأنا أتيت على الموعد لأوقظك ... ماذا بك إلا تسمعيني

أحلام استيقظي

حبيبتي أحلام استيقظي إنه موعد صلاة الفجر.... هيا لتصلي

أحلام ارجوك استيقظي



سامحني لو تعالت صرخاتك ...

وما قدرت اقول لبيه.....

سامحني لو ذرفت عيونك ...

دمع غالي ونزل على الخدود..

وما قدرت امسحه بكف حاني..

سامحني لو ضاقت عليك دنياك...

وتمنيت حضني يضمك وما لقيته...

سامحني لو ما خلفت من بعدي غير ذكرى وآه وألم

سامحني....



وقع الطبيب شهادة الوفاة ليوارى الجسد تحت التراب

الاسم : أحلام محمد مرتجى
العمر: 21
سبب الوفاة : سكتة قلبية
ساعة الوفاة : الثالثة والنصف فجرا
اليوم : 22 من تشرين الأول لعام 1999م



انتهت لاتقولو مكرره

<center> >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
================================== </center>

<h3>>>>> الرد الأول :
سبحان الله
قصة مؤثره <script async src="//pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js"></script> <!-- First and second Post --> <script> (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); </script>

يعطيك العافيه

__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الثاني :
يعطيكي العافيه

__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الخامس :