عنوان الموضوع : " ..خشخشة .." قصة حب
مقدم من طرف منتديات الضمير العربي

كانت في غرفتها الحالكة ممددة على الحصير , تنظر إلى السقف بإمعان ثم بحركة خاطفة تحجبه عنها بأصابع يدها و كأنها قضبان , ثم تعود فتنظر إلى السقف مرة أخرى , و هكذا . كانت نظراتها تنتقل بالتناوب بين أصابع يدها و السقف دون سبب واضح . ربما رأت أن المرء يسمح له أحيانا بأن يقضي على الفراغ بأية وسيلة متاحة دون التدقيق في الأسباب التي تدعوه لهذه الوسائل .
الأجواء في البيت ساكنة و كأنه مقبرة , مع أن الجميع كانوا موزعين بين غرفتين أخريين و مطبخ ضيق و حمام و حديقة اعتادت دجاجات الجارة أن تتسلل إليها لتنال نصيبها من قوت - الله وحده يعلم - كيف تستدل عليه وسط هذا البؤس المدقع , و لكنهم على ما يبدو قد نذروا هذا اليوم للصمت .
إلى أن تناهت إلى مسمع الطفلة خشخشة أكياس , فوثبت سريعا و دست أرجلها الصغيرة في فردتي قبقابها كيفما اتفق ثم انطلقت تجري نحو مصدر الصوت و هي تنادي : " بابا .. بابا .. هل عدت؟ ماذا أحضرت ؟.. هل جئتني بها ؟ .. ؟ " . لقد توقعت بحكم العادة أن يكون القادم أباها , فلا أحد سواه ترافقه خشخشة الأكياس عادة , و قد كانت تتحرق شوقا إلى هذه الخشخشة اليوم بالذات , لأن أباها وعدها بأن يشتري لها في هذا اليوم تلك اللعبة الضخمة ذات الأزرار الكثيرة و المصابيح المضيئة , و التي رأت مثيلتها لدى ابنة جيرانهم المتبجحة , و التي كانت دائما تستعرض هذه اللعبة أمامها قائلة بزهو و اعتزاز : " انظري كيف إذا وضعت قطعة نقدية من فائة مائة مليم في هذا الدرج ثم دفعته تجري تلك الكرة و تتواثب في تلك المتاهة دون عناء؟ " . لقد ظل هذا الغرور يعصرها عصرا و يشعرها بأن امتلاك لعبة مماثلة هي مسألة حياة أو موت . و قد رجت فعلا أباها أن يشتري لها تلك اللعبة , و قد دلته مرارا على المحل الذي يعرض هذا النوع من الألعاب " المزررة " على واجهته . و رغم حاجته إلى المال و الفقر الذي صار على مشارفه , فقد وعدها بأن يأتيها بهذه اللعبة في هذا اليوم .

وهي تركض نحو الباب أدركت أنها استنفدت صبرها و لم تعد تطيق هذه المسافة القصيرة بين غرفتها و الفناء , حتى لكأنها ظلت تركض أميالا لتصل إليه . و
لكنها ما إن بلغت الممر حتى رأت أمامها رجلا غريبا , لم يسبق لها أن رأته في حياتها , و يبدو أن الخشخشة قد صدرت عن الكيس الأسود الذي كان يحمله في يده . رمقته بنظرة مستطلعة أنستها حتى اللعبة التي لم تكد تبرح ذهنها في هذه الأيام قط.
و سألته بينما هو يبادلها نظرة مبهمة المعنى : " من تكون؟ .. إن أبي ليس في البيت . "
فأجابها بعد أن أبعد عن عينيه نظارة شمسية مغبرة : " المعذرة , أ هذا بيت السيد جلال؟ "
فردت عليه وهي تهز رأسها : " نعم, هذا هو بيته . فمن تكون؟ "
فقال : " لقد جئت لأعلمك أن أباك قد اضطر إلى سفرة مفاجئة إلى بلدة " تلابت" ليقضي شؤونا مستعجلة هناك . و قد أوصاني أن أستدل على بيتكم و أسلم هذا الكيس إلى ابنته الصغرى . هل أنت هي نادية أم أن لك أختا أصغر تحمل هذا الإسم؟ " .
فأجابته بنبرة يمازجها شيء من ذهول : " آه ... أ .. أنا نادية عينها . .. شكرا على مجيئك . "
فرد يقول : " لا بأس . إن جلال صديق قديم و ما كنت لأرفض له طلبا . تفضلي هذا الكيس , و اسمحي لي بالمغادرة . عمتم مساء . "
و دون أن ينتظر جوابها استدار مغادرا و أغلق الباب وراءه .
و ما إن انقضت هنيهة من صمت , حتى بدأت تتحسس بيديها محتوى الكيس الأسود دون أن تفتحه , فإذ بيديها تجس علبة من كرتون مقوى , و بسرعة فتحت الكيس فإذ بها تلمح العلبة التي تحوي لعبتها المنشودة . رمقتها بعينين سعيدتين , كانت ألوانها مائلة إلى الزرقة السماوية , و لم يكن يسوءها هذا الإختلاف بين ألوان لعبتها و ألوان لعبة ابنة جيرانهم التي تمزج بين اللونين الوردي و البرتقالي .
لكن ذراعيها سرعان ما تهدلتا و قد خالجها في تلك اللحظة حزن ثقيل .
كم تمنت لو أن والدها هو الذي سلمها هذه الهدية بيده , فقد كان ذلك يشكل النصف الثاني من فرحتها باللعبة . و لكنها الآن تشعر و كأنها تسلمت شيئا عاديا جدا , شيئا لا يستحق هذا الإنتظار الذي بذل لأجله و تلك الدنانير التي بذرت لقاء شرائه , و التي كان يمكن لها أن تبذل في سبيل أشياء أخرى يحتاجها البيت , أو في سبيل أدوية أمها المصابة بالسل.

شعرت فجأة بحاجة لمعانقة أبيها و طلب الصفح منه و هي تعلل بكاءها بالقول : " لا أريد هذه اللعبة يا بابا .. أعدها إلى البائع و اشتر بثمنها معطفا لك عوضا عن هذا المعطف المرقع القديم الذي تلبسه , أو اشتر بثمنها أي شيء آخر تريد . خذ هذه اللعبة يا بابا .. لا أريدها ! "
, و لكن سفره المفاجىء إلى " تلابت " حرمها من هذا البكاء المريح و جعلها تحقد على تلك اللعبة بشكل متزايد شيئا فشيئا .



لحظية أنهيتها منذ ساعة تقريبا
ز.م

<center> >>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
================================== </center>

<h3>>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الثاني :
تسلم الايادي رااائعة
تحياتي

__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الثالث :
قصـــة رآآئــعة ,, وأسلوبــــكـ أروووع

أسلوبــكـ الشيــق عيشني أجوآآآء القصـــة

مآشآآللهـ عنــكـ

موفقـــة

__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الرابع :
قرأنا القصة بشوق وبلهفة وكاننا نتفرج على فيلم عشنا وقائعه لحظة لحظة

كتب في نهاية الجينيريك==قصة واقعية==

بوركت وتسلم الانامل التي حملت اليراع الذي خط وبمهارة هذه القصة الحزينة

__________________________________________________ __________

<h3>>>>> الرد الخامس :
يسلمو