ما جعلني أكره اللغة الفرنسية هو موقف محرج مررت به في إحدى حصص هذه المادة , عندما كنت تلميذة في الصف الابتدائي الثالث .
وقتذاك كانت تدرسنا معلمة أنيقة جدا نناديها " مدام رجاء " . و كانت هذه المعلمة تختار في كل حصة تلميذا أو تلميذة ليقرأ النص الذي نكون بصدده بصوت مسموع .
وقع اختيار المعلمة علي في إحدى هذه الحصص , و أنا لأني خجولة بطبعي فقد كانت قراءة ذلك النص أشبه بمحنة , لأني ارتبكت كثيرا و كان ارتباكي واضحا في اختلاجات صوتي و تقطع أنفاسي , و لشدة ارتباكي نطقت كلمة " femme " بشكل خاطىء, فانفجر التلاميذ ضاحكين,
و أنا لم يكن ينقصني إلا هذا الموقف المحرج حتى أشعر أن وجنتي توشكان على التورم من شدة امتقاعهما خجلا .
منذ تلك الحصة لم أستطع أن أحب هذه اللغة , و كانت علاماتي السيئة فيها نتيجة متوقعة لذلك , و استمر معي هذا الكره حتى يومنا هذا .
مع أنه يفترض باللغة الفرنسية أن تكون اللغة الرسمية الثانية في تونس بعد العربية , و مع أنني ألجأ لاستخدامها أحيانا لكني أفعل ذلك على مضض .
مررت بموقف محرج آخر , و لكن هذه المرة في الكلية , و تحديدا خلال سنة التخرج , و ذلك أثناء إحدى حصص مادة الـ linguistics ( اللسانيات ) ,
كانت تدرسنا في هذه المادة أستاذة قاسية جدا إسمها " آمال قلال " , و عادة ما تمتلىء القاعة بالطلبة أثناء هذه الحصة .
المهم , أنها في إحدى هذه الحصص ظلت تشرح أحد دروس اللسانيات ( على ما أذكر كانت تشرح إحدى الأساليب التي تتبعها بعض المدارس اللغوية ) . و بعد أن أنهت شرح جزء من هذا الدرس , سألتنا ما رأيكم بأسلوب المدرسة الفلانية ؟
و لأنها عصبية المزاج و كلامها قاس حين تغضب , فقد أثارها صمتنا حين لم نجب , و لم تقصر في تقريعنا بالكلام .
لا أدري حينها أية لوثة دبت بي فرفعت يدي كي أجيب عن السؤال , و اكتفيت بالقول : " Ma'am , I think it was a success " .
فوجئت الأستاذة بإجابتي , لكن لم يدم ذلك طويلا , فقد رددت إجابتي بأسلوبها المتهكم المعروف فأضحكت بذلك الجميع !
تأذيت جدا مما حدث , و حين انتهت الحصة و كانت هذه المرأة تلملم أوراقها لمغادرة القاعة , ذهبت إليها و عاتبتها بالقول أن " يا أستاذة , إن كانت إجابتي خاطئة فلم يكن هناك من داع لإضحاك الطلبة علي ! " .
حينها التفتت إلي و رمقتني بعينيها الشاسعتين المخيفتين , و قالت بنبرة هادئة لم آلفها فيها : " لا داعي لأن تتأثري بما حدث , فالذين ضحكوا ليسوا أفضل منك . على ثقتك بنفسك أن لا يهزها أمر كهذا " ...