عنوان الموضوع : لطائف وفوائد قرآنية << الفتاة المسلمة
مقدم من طرف منتديات الضمير العربي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الحمد لله و صلى الله وسلم و بارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

وبعد :

فهذه مقتطفات و لطائف لتأملات وفوائد قرآنية من استنباطات العلماء و تدبرهم لكتاب الله عز وجل .

.....


نبدأ ب : قوله تعالى: ﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾[البقرة: 184]

أعم من قوله: "في سفر" ليدخل فيه من أقام في بلد أو برية ولم يقطع سفره، بل هو على سفر؛ وإن لم يكن في سفر.


ابن سعدي رحمه الله .

>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :
قوله تعالى:

﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾


[المائدة: 93]

ابن سعدي .

تأملتُ في فائدة تكرار التقوى في هذه الآية ثلاثَ مراتٍ؛ فوقع لي أحدُ وجهين:

أحدهما: أن الأول للماضي، والثاني للحال، والثالث في المستقبل، وبيان ذلك: أن قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ أن (جناح) نكرة في سياق النفي؛ فتعم الماضي والمستقبل والحال، لأنه نفى الجناحَ عن المؤمنين مطلقاً، وهذا النفي العام لا ينطبق إلا على الأحوال الثلاثة، ويكون هذا التكرار من محترزات القرآن، التي يحترز الباري فيها عن كل حالٍ تُقَدّر وتُمْكِن؛ لأنهم لو اتقوا في الماضي أو في الحال أو فيهما دون المستقبل لم يَصدُق عليهم نفي الجناح، ولا بد في كل حالة من الأحوال التي تُقام فيها التقوى مِن الإيمان والعمل الصالح، ومن الإيمان والإحسان؛ يُؤيِّدُ هذا الاحتمال قولُه: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾[البقرة: 203]، فإن قوله: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ نظيرُ قولِه (جناح) ولما كانت هذه الآية لا يُتَصور فيها الماضي كما هو بيّن - لأنه شرط وجزاء للمستقبل، ويصلح للحال - قال: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ يعني في الحال، لمن اتقى اللهَ فيها، ثم ذكر ما يصلح للمستقبل فقال: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ فإذا قُرِنت هذه بتلك بانت لك فائدةُ التكرار، وأن ذلك لأجل عموم الأزمنة.


الوجه الثاني: أن الأول في مقام الإسلام، والثاني في مقام الإيمان، والثالث في مقام الإحسان: والمؤمن لا تكمل تقواه حتى يترك ما حرم اللهُ، ولا يتمَّ دينُه إلا بهذه المقامات الثلاثة؛ لأن مقام الإسلام يقتضي وجود الأعمال الظاهرة مع الإيمان والتقوى، فقال فيها: ﴿إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ ومقام الإيمان لا بد فيه من القيام بأركان الإيمان مع التقوى، فقال فيه: ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا﴾ ومقام الإحسان لا بد فيه من القيام بالإحسان مع التقوى، فقال فيه: ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا﴾ فنفي الجناح العام لا يكون إلا لمن قام بمقاماتِ الدِّين كلِّها؛ وعلى هذين الوجهين ففي الآية الكريمة من بيان جلالة القرآن وعظمته - وإحكام معانيه ورصانتها، وعدم اختلالها واختلافها - ما يشهد به العبدُ أنه كلامُ الله حقاً وصدقاً وعدلاً، وأنه مُحتوٍ على أعلى رُتَبِ البلاغة التي لا يقاربه فيها أيُّ كلام كان، وقد يُقال: إن كلا الوجهين مراد؛ لأن اللفظ لا يأباه، والمعنى مفتقر إليه، وطريقة القرآن أن يُحمَل على أعمّ الوجوه المناسبة؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد، عليم بكل شيء،

والله أعلم بمراده وأسرار كتابه، اللهم ذكّرنا منه ما نُسِّينا، وعلِّمنا منه ما جهلنا، واجعلنا ممن يتلونه حق تلاوته.

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :
قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]،

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾[هود: 114]،

وقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ...

الآيات[آل عمران: 190،191]

فكل من كان في عبادة فهو في ذكر الله، ومن ترك منهياً لله فهو في ذكر الله،

وهذا هو المعنى الذي خلق اللهُ لأجله ، وشرع الشرائع لأجله، وجعل النعم الظاهرة والباطنة مقصودة لأجله، ومعينة عليه،

فنسأله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويجعلنا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، آمين.


ابن سعدي رحمه الله .

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :
يقول العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في قوله تعالى :



( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنْ الْعَذَابِ) غافر 49



يقول : " تأمل هذه الكلمة من عدة وجوه :



أولا : أنهم لم يسألوا الله سبحانه وتعالى , وإنما طلبوا من خزنة جهنم أن يدعوا لهم .

لأن الله قال لهم( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ) المؤمنون 108 .

فرأوا أنفسهم أنهم ليسوا أهلا لأن يسألوا الله ويدعوه بأنفسهم بل لا يدعونه إلا بواسطة .



ثانيا : أنهم قالوا( ادْعُوا رَبَّكُمْ) ولم يقولوا : ادعوا ربنا لأن وجوههم وقلوبهم لا تستطيع أن تتحدث

أو أن تتكلم بإضافة ربوبية الله لهم , أي بأن يقولوا ربنا ,

فعندهم من العار والخزي ما يرون أنهم ليسوا أهلا لأن تضاف ربوبية الله إليهم بل قالوا( رَبَّكُمْ).



ثالثا : لم يقولوا يرفع عنا العذاب بل قالوا( يُخَفِّفْ) لأنهم نعوذ بالله آيسون من أن يرفع عنهم .



رابعا : أنهم لم يقولوا يخفف عنا العذاب دائما بل قالوا( يَوْماً مِنْ الْعَذَابِ) يوما واحدا



بهذا يتبين ما هم عليه من العذاب والهوان والذل



( وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ) الشورى 45 .



أعاذناالله واياكم منها"
اهـ .

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :
قوله تعالى: ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[الروم: 50]

فإذا كانت الأرض الخاشعة الخالية من كل نبت، إذا أنزل الله عليها المطر اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج،

واختلط نبتها، وكثرت أصنافه ومنافعه؛ جعله الله تعالى من أعظم الأدلة الدالة على سعة رحمته وكمال قدرته، وأنه سيحيي الموتى للجزاء،

فالدليل في القلب الخلي من العلم والخير حين ينزل الله عليه غيث الوحي فيهتز بالنبات، وينبت من كل زوج بهيج من العلوم المختلفة النافعة،

والمعارف الواسعة، والخير الكثير، والبر الواسع، والإحسان الغزير، والمحبة لله ورسوله، وإخلاص الأعمال الظاهرة والباطنة لله وحده لا شريك له،

والخوف والرجاء، والتضرع والخشوع لله، وأنواع العبادات وأصناف التقربات، والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم،

وغير ذلك من العلوم والأعمال الظاهرة والباطنة، والفتوحات الربانية، مما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر:

أعظم مِن الأرض بكثير، على سعة رحمة الله وواسع جوده، وتنوع هباته وكمال اقتداره وعزته، وأنه يحيي الموتى للجزاء،

وأن عنده في الدار الأخرى من الخيرات والفضل ما لا يعلمه أحد غيره، وقد نبّه الله على أن حياة القلوب بالوحي بمنزلة حياة الأرض بالغيث،

وأن القلوب الخالية من الخير بمنزلة الأرض الخبيثة،

فقال تعالى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾[الأعراف: 58].



ابن سعدي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :